×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

"مستشفى عرقة" السعودي.. في مهب الخرافات

 تصدر اسم "مستشفى عرقة"، الواقع في منطقة عرقة شمال غرب الرياض، صفحات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، ليس لشهرته أو سمعته الطيبة في المجال الطبي، بل لتلك الهالة التي طالما أحاطت بهذا الصرح المعماري المهجور منذ أكثر من عشرين سنة، على الرغم من تكلفته التي تقدر بنصف مليار ريال سعودي كحد أدنى.

الكثير من الروايات نسجت حول ذلك المبنى المهيب المؤلف من ثمانية طوابق والمتربع في منطقة تزيد مساحتها على 20 ألف متر مربع، والمجهز حسب الرويات بشكل شبه كامل بالأجهزة والمعدات لمختلف أقسامه وملاحقه الطبية من المختبرات إلى غرف العمليات والعناية المركزة، بسعة إجمالية تصل إلى نحو ثلاثمئة سرير.

وبطريقة فيها الكثير من الخيال، أحيط سر هجر المستشفى بمزاعم وشهادات تؤكد أن المبنى مسكون بالجن، معتبرين ذلك سببا يبرر تركه خاويا طوال تلك المدة.

وبعيدا عن تصديق أو تكذيب تلك الرويات، فإنها حركت فضول الكثير من الشبان السعوديين للذهاب إلى ذلك المكان والعودة في كل مرة بقصة أغرب من سابقتها تؤكد أن المكان مسكون بالجن على طريقة أفلام الرعب.

ومع مرور الأيام والسنين ذاع صيت مستشفى عرقة حتى بات مقصداً لأفواج الفضوليين الباحثين عن مغامرة مزعومة للتسلية وملء وقت الفراغ، فعجت صفحات المنتديات بالقصص والصور ومقاطع الفيديو، التى لم تأت بدليل يعضد أيا من القصص المروية عن ذلك المستشفى.

وبدافع من المغرديين السعوديين تصدر هاشتاق "#مستشفى_عرقة" في موقع توتير, الذي تحول لساحة للتندر على المستشفى بالكثير من النكات والتعليقات التى شطحت إلى حد تخيل أن يتحول المستشفى لمنتزه، في إشارة إلى الإقبال الكبير على القدوم للمكان، وتخيل نوع الفعاليات التي سيحتويها الموقع المثير للجدل.

أحد المغردين, سجل استغرابه من عدم التفات السلطات إلى المستشفى المهجور, فيما لم تخلُ تغريدات بعض المسجلين في الموقع من السخرية السوداء حول قصة هذا المستشفى الذي لم يعالج مريضا قط.
وفي غمرة الاهتمام الذي اعتمل في العالم الافتراضي، انطلقت دعوات متواترة على مواقع التواصل الاجتماعي للذهاب بشكل جماعي يوم الاثنين الحادي والعشرين من الشهر الجاري إلى المستشفى للبت في قصة وجود الجن من عدمها.
وأظهرت الفيديوهات التي حملت على مواقع يوتيوب استجابة مئات الشبان للدعوة، حيث تجمهروا أمام المبنى الخالي, في الموعد المحدد استعداداً لاقتحامه بشكل جماعي، ليتفاجؤوا بأن قوات الأمن كانت حاضرة أيضا في المكان بعد أن علمت بالمخطط، فتأجل الأمر إلى حين انصراف الأمن من عين المكان، وهذا ما حصل بالفعل فما إن ترك رجال الأمن الموقع حتى دخل المئات من الشباب إلى داخل المستشفى حاملين المصابيح والكاميرات، قبل أن يقدم فريق منهم لسبب غير معلوم على إضرام النار في بعض أجزاء المبنى، إلى أن عادت القوات الأمنية إلى الموقع وأطفأت النيران بعد أن أخلت المتجمعين.
الجهات المعنية لطالما تقاذفت المسؤولية عن إهمال هذا المستشفى لكل تلك السنوات سواء من ناحية تشغيله أو حتى حراسته، إلا أن تحقيقا أجرته صحيفة "المدينة" حول القضية منذ عامين خلص إلى أن الأمر لا يعدو كونه خلافا بين ورثة أحد رجال الأعمال السعوديين، الذي منح المستشفى على شكل هدية لوزراة الصحة السعودية قبل وفاته، إلا أن ورثته وأحد الشركاء طالبوا بتحصيل قيمة المستشفى والأرض الواقعة عليه بقيمة تفوق نصف مليار ريال سعودي، ورفضهم التنازل عنها عن طريق إهداء والدهم، الأمر الذي تطور لاحقا إلى انتقادات وجهت لوزارة الصحة حول وضعية المستشفى واتهامها بعدم الجدية في إيجاد حلول تنهي القضية.

من ناحيتها ردت الوزارة عبر مسؤوليها بنفيها تسلم المستشفى من رجل الأعمال الراحل وأن طبيعة الخلاف بين الورثة وأحد الشركاء أسهم في تعطيل كل خطط تشغيل المستشفى.

وكانت الوزارة قد صرحت أيضا بأنها رصدت ملايين الريالات لاستكمال تشغيل المستشفى بكامله في حال انتهاء لجنة كان المقام السامي قد أمر بتشكيلها لدراسة وضع مستشفى عرقة العام, بما يضمن تسجيل المستشفى والأرض باسم وزارة الصحة عن طريق وزارة الشؤون البلدية والقروية للشروع في عملية تشغيل المستشفى واستقبال المرضى والمستفيدين.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر