×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

هولاند.. رجل الناس العاديين الساعي إلى الإليزيه

 من مدينة روان في النورماندي، شمال غرب فرنسا يسعى الاشتراكي فرانسوا هولاند، الفائز في الجولة الأولى في الانتخابات الرئاسية للوصول إلى قصر الإليزيه، ليعيد حكم الاشتراكيين مجددا، الذي انتهى في العام 1995 مع نهاية فترة الرئيس الراحل فرانسوا ميتران.

ورغم ولادته في مدينة روان فإن اسم هولاند اقترن بمنطقة أخرى هي إقليم كوريز، وكان رئيساً لهذا الإقليم عام 2008، وقبل ذلك كان نائباً في البرلمان منذ العام 1997، وما زال محافظاً لمدينة تول، التي قضى يومه الانتخابي فيها وخاطب أنصاره منها في يوم إعلان تفوقه على الرئيس اليميني نيكولا ساركوزي.

في عام 1981، وبعد وقت قصير من انتخاب الرئيس الراحل فرانسوا ميتران كآخر رئيس فرنسي من اليسار، خطا الشاب الطموح هولاند خطوته الأولى في رحلته الطويلة باتجاه قصر الإليزيه، حيث رسخ صورته كـ "رجل الناس العاديين" بعد نجاحه الباهر في تمثيل المنطقة التي يمثلها بالبرلمان.

فهو شخص محبوب من أصدقائه ومن أبناء مدينته, يقول صاحب المقهى، الذي يقع في منطقة تتبع الدائرة الانتخابية لهولاند: "تلك هي طاولته، هو يأتي إلى هنا حاملاً معه الكرواسون وصحيفته ليشرب قهوته الصباحية، ويضيف أنه شخص عادي ومن السهل الوصول إليه سنفتقده، لأنه سيكون منشغلاً برئاسة فرنسا.

قد لا يعجب هولاند مواطنته وابنة مدينته برناديت شيراك، زوجة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، فهي لا ترى فيه "الكاريزما" الجاذبية، ولا المكانة التي يجب أن يتمتع بها رئيس فرنسا.

ولذلك، فقد ألقت بثقلها وراء منافسه اليميني نيكولا ساركوزي، رغم تصوت زوجها الرئيس شيراك إلى الاشتراكي هولاند.
السياسة الخارجية ستبقى كما هي

فرانسوا هولاند، الاشتراكي المخضرم يعرف ماذا يريد ومتى يتكلم، ويعرف قوة خصمه نيكولا ساركوزي في الجولة الثانية في 6 من مايو/أيار المقبل، وهو قليل التصريحات بما يخص سياسة فرنسا الخارجية.

ومعروف عن السياسة الخارجية الفرنسية أنها لا تكترث كثيراً بالتغييرات في مؤسسة الرئاسة، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما أن باريس تتميز عن غيرها من الدول الأوروبية بسيطرة مؤسسة الرئاسة على السياسة الخارجية.

وعن المتغيرات التي ستحدث في سياسة فرنسا في حالة مجيء الاشتراكي فرانسوا هولاند، يقول المراقبون إنها على الأرجح ستبقى متوازنة ومكملة لمرحلة فترة فرانسوا ميتران، والتي وصفت بالسياسة العاقلة.

ساركوزي وهولاند يختلفان حول كل شيء تقريباً فيما يتعلق بالسياسات المحلية - الاقتصادية والاجتماعية و مسائل الأمن و الهجرة - إلا أنهما يتلاقيان في كثير من الأمور المرتبطة بالسياسة الخارجية - مع أن هذه لا تلعب دوراً مهماً في قرار الناخب الفرنسي. ورغم الانتقادات الشديدة التي وجهها هولاند خلال الحملة الانتخابية لسياسات ساركوزي الخارجية، فإن ذلك لا يخرج عن كونه جزءاً من المناكفات الانتخابية المعهودة، حيث لا يتوقع حدوث تغييرات كبيرة في هذا الشأن في حال فوز الاشتراكيين.

فالاشتراكيون يعتبرون الأقرب إلى الولايات المتحدة في قضايا السياسة الخارجية عموما، وفي الشرق الأوسط خصوصا، والواقع أن ساركوزي كان الرئيس اليميني الوحيد الذي بزهم في هذا الصدد. قرب فرنسا من سياسات واشنطن سواء فاز في انتخاباتها الرئاسية ساركوزي أو هولاند لا يلغي وجود تنافس معها، خاصة في منطقة شمال إفريقيا، بدا ذلك واضحا في تسابق الطرفين في عملية إعادة تأهيل نظام العقيد القذافي ابتداء من عام 2007، قبل أن يعودا إلى التسابق على إسقاطه.
يدعم دولة فلسطينية قابلة للحياة

أما فيما يتعلق بالشأن الفلسطينيي فأكد الزعيم الاشتراكي فرانسوا هولاند دعمه لقيام "دولة فلسطينية قابلة للحياة"، وتعهد باتخاذ "مبادرات جديدة لتشجيع عملية تفاوضية تفضي إلى السلام والأمن بين إسرائيل وفلسطين".

وكان هولاند، الذي التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ديسمبر/كانون الأول الماضي بباريس قد تعهد في تصريحات صحافية بدعم "الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، وأنّه يدعم "كل مسار يؤدي إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط، ويقيم دولة قابلة للحياة للفلسطينيين، ويحفظ أمن إسرائيل".

وعن الوضع في سوريا فيناشد فرانسوا هولاند "روسيا والصين الرجوع عن موقفهما الداعم للنظام السوري، ويدعو التحالف الدولي لمساعدة وحماية المواطنين، لا لإذكاء المواجهات المسلحة، وستكون سياسة هولاند أكثر تشدداً في ممارسة الضغوط على النظام السوري من الرئيس الحالي، إذ طالما ادعى الاشتراكيون أنهم أكثر اهتماما بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان من نظرائهم في اليمين.

وفي تصريحات أخرى، تتعلق بالتدخل العسكري في سوريا قال هولاند: "إذا تم ذلك في إطار الشرعية الدولية من قبل الأمم المتحدة فإن فرنسا ستشارك دون تردد".

وعن العلاقة مع إيران جدّد هولاند "رفضه امتلاك إيران السلاح النووي" من دون إعلان صريح برفض ضرب إيران عسكرياً، مع أنه شجّع "الطرق الدبلوماسية للتوصل إلى حلّ للأزمة الإيرانية".

وشهدت العلاقة مع إيران في ظل حكم الاشتراكيين لفرنسا أسوأ حالاتها، ففي عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران انقطعت العلاقات بين باريس وطهران، وأصبحت منبوذة من قبل فرنسا.
تعهد بسحب القوات من أفغانستان

فيما يتعلق بمشاركة القوات الفرنسية في أفغانستان فإن الاشتراكي هولاند تعهد بسحب القوات الفرنسية في حالة فوزه بالرئاسة الفرنسية، وانتقد مراراً هذه المشاركة وتأسف لفقدان فرنسا 83 من جنودها في حرب غير معنية فرنسا بها.
الجزائر.. تسوية نهائية لكل النزاعات

تعهد هولاند بإرادة فرنسا إيجاد تسوية نهائية لكل أنواع النزاع مع الجزائر، وأدان الاستعمار بكل أشكاله، وأبدى رغبته في حالة انتخابه رئيساً لفرنسا في "تسوية نهائية لكل النزاعات حول الماضي بين البلدين".

وذكر أنه سيفتح صفحة جديدة بين فرنسا والجزائر، مبنية على المصلحة المشتركة، ويؤكد هولاند كلامه وهو يعرف أن عدد الناخبين الفرنسيين من أصل جزائري يفوق المليوني ناخب في عموم فرنسا، وهي أصوات بالتأكيد ستصب لصالحه في الجولة الثانية.

قد يؤخذ على فرانسوا هولاند قلة درايته بالشؤون الدولية، إلا أنه ولتعويض ذلك وتطمين الفرنسيين والعالم أحاط نفسه بمجموعة من خبراء السياسة الخارجية في الحزب الاشتراكي، وعلى رأسهم وزير الدفاع الأسبق جون بيير شوفنمان والمعروف بعلاقاته الدولية، ولاسيما مع الدول العربية، وكذلك وزير الخارجية السابق هوبير فيدرين.

ويعد هذا الأخير من صقور السياسة الفرنسية، ويتوقع أن يهيمن في حال اختياره وزيراً للخارجية، أو حتى مستشاراً رئاسياً على سياسة فرنسا الخارجية خلال السنة الأولى على الأقل من حكم هولاند, لذلك فإن السياسة الخارجية ستبقى على ثوابت الجمهورية الخامسة، ولن تتغير كثيراً، فالاشتراكيون سيتابعون موضوع بناء الدولة الفلسطينية، وإحلال السلام والتشديد على عدم امتلاك إيران أسلحة نووية وانسحاب القوات المسلحة من أفغانستان ودعم التواجد في الساحة الإفريقية والحد من التغلغل الأمريكي.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر