×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

حرب صينية شعواء على الشائعات

  يقال إن الشائعات تزداد أوقات الأزمات والقلق وكذلك فترات التحول السياسي والاجتماعي، ويزداد انتشارها كلما ازداد التعتيم الإعلامي وغموض المواقف وانعدام الشفافية وضعف المصداقية بوسائل الإعلام. ويقال أيضاً إن انتشار الشائعة يعادل أهمية الموضوع مضروباً في درجة الغموض حوله.

فأي من هذه الأسباب يا ترى دفع السلطات الصينية لشن حملة شعواء على ما أسمته "الحرب على الشائعات" شملت حجب بعض مواقع التواصل الاجتماعي الصينية، وتشديد الرقابة على بعضها الآخر، وإلغاء خدمة التعليقات على بعض الأخبار على صفحات وسائل الإعلام الرسمية.

كما فرضت الحملة وجوب تسجيل الأسماء الحقيقية ورقم البطاقة الشخصية ورقم الهاتف في حسابات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ومتصفحي شبكة الإنترنت الذين وصلت أعدادهم إلى نحو ستمائة مليون متصفح. كما شملت الحملة أيضاَ اعتقال بعض من وصفتهم السلطات بمروجي شائعات وأكاذيب تؤدي إلى نشر الفوضى والقلاقل الاجتماعية.

ويبدو -وفق رأي خبراء- أن كل تلك الأسباب مجتمعة أدت إلى اتخاذ هذه الإجراءات الصارمة. فالشائعة هذه المرة لم تتوقف عند الترويج لسلعة معينة، كما كان يحدث سابقاً كأزمة الملح أو الثوم أو الخل- التي اختفت من الأسواق خلال ساعات بعد أن شهدت أسعارها ارتفاعات وصلت إلى عدة أضعاف بعد سريان شائعات تؤكد أنها تقي من أمراض أثارت الرعب لدى الصينيين مثل سارس وإنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير.

رأس الهرم
لكن الشائعة هذه المرة مست رأس الهرم السياسي ونفذت إلى عقر دار الحزب الشيوعي الصيني، إلى مجمع جونغ نان خاي مقر إقامة قادة الحزب والدولة، حيث سرت شائعات عن سماع أصوات أعيرة نارية داخل المجمع وعن احتمالات حدوث انقلاب عسكري. وسرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم على صفحات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

وقد ازدادت حدة الشائعات بعد الإعلان عن قرار تجميد عضوية بو شي لاي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي وأمين الحزب بمدينة تشونغ شين، وتجريده من كافة مناصبه الحزبية والحكومية.

ويعد بو أحد أبرز المرشحين لدخول اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب، وهي أعلى هيئة قيادية تتمتع بالنفوذ في البلاد وصاحبة السلطة في اتخاذ القرارات ورسم السياسات، وتضم تسعة أعضاء.

وجاء القرار في وقت يحتدم فيه الصراع على السلطة والنفوذ بين مراكز القوى المختلفة داخل الحزب على أعتاب المؤتمر العام الـ18 للحزب والمتوقع انعقاده في أكتوبر/ تشرين الأول حيث سيفرز قيادة جديدة للحزب والدولة.



استئصال الفساد
وعن هذا يقول أستاذ السياسة بجامعة الشعب جانغ مين إن تعزيز الشفافية والمصارحة مع الجماهير السبيل الأمثل للحد من انتشار الشائعات.

ويضيف بحديث للجزيرة نت أن المجتمع الصيني ينظر إلى السياسة كأنها صندوق أسود مليء بالأسرار، وفي إطار حب المعرفة والاطلاع فإن هذه البيئة تشكل المكان الأفضل لانتشار الشائعة وسريانها.

لكن أحد أساتذة الاجتماع بالجامعة عينها -رفض ذكر اسمه- أكد للجزيرة نت أن الهم الشاغل للقيادة الحالية ليس الفضيحة ومعالجة أسبابها وتداعياتها وضرورة استئصال الفساد من جذوره، بل الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وعدم تفاقم حدة النقمة على مسؤولي الحزب والدولة.

ويضيف أنهم باختصار "مجموعة اكتسبوا شرعيتهم بالشعارات الثورية وتحولوا إلى جماعات لها مصالح وامتيازات تسعى إلى الحفاظ عليها".

تأتي هذه الفضيحة، كما يرى المراقبون، لتكشف النقاب عن حجم الفساد المستشري بين مسؤولي الحزب والدولة وعائلاتهم ودائرة المقربين منهم. وكذلك لتبرز حجم الصراع الدائر والمحتدم بين القيادات والتيارات المختلفة ومراكز القوى لدى دوائر صنع القرار.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر