الأردن.. هل يعود لمربع الأزمة الأول؟
أبريل 14, 2012 04:11 صباحاًيرى مراقبون وسياسيون أن الأمور في الأردن عادت لمربع الأزمة الأول، حيث تتهم المعارضة من تسميها "قوى الشد العكسي داخل النظام" بالانتصار لوجهة نظرها في قانون الانتخاب، في حين تتحدث جهات رسمية عن أن المعارضة -وخاصة الإسلاميين- مصرة على فرض وجهة نظرها وأن ما يقويها وصول الإسلاميين للحكم في دول عربية عديدة.
وفي هذا السياق, أعلنت أحزاب المعارضة الأردنية والحركة الإسلامية رفضها لقانون الانتخاب الذي أقرته الحكومة الأردنية قبل أيام وأرسلته لمجلس النواب. ولوح المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين همام سعيد بمقاطعة الحركة الإسلامية للانتخابات البرلمانية في ظل القانون الحالي، وذلك في مسيرة نظمتها أحزاب المعارضة وسط عمان اليوم، وقال إن الإسلاميين لن يشاركوا في ظل هذا القانون.
وردا على سؤال حول ما إذا كان الإسلاميون سيقاطعون الانتخابات في ظل القانون الحالي, قال القيادي الإخواني البارز "الحركة الإسلامية والشعب الأردني لهم تجارب في هذا الموضوع وعلى الحكومة أن تدرس هذه التجارب بعناية"، في إشارة لمقاطعة الإسلاميين للانتخابات البرلمانية عام 2010.
وقال سعيد للجزيرة نت إن الحركة لن تشارك في الانتخابات في ظل القانون الذي أعلنته الحكومة، وطالب الحكومة بسحب القانون قبل مناقشته في البرلمان و"وضع قانون يمثل الشعب الأردني دون حجر أو حصر على الأردنيين".
وعن مواصفات القانون الذي يدفع الإسلاميين للمشاركة، قال سعيد "نحن سنشارك في ظل قانون يحقق للناخب اختيار كل النواب عن دائرته وأن يكون للقائمة النسبية نصيب معتبر كأن تكون 50% مثلا".
الخصاونة: الحكومة لن تحجّم تمثيل أي فئة وخاصة الأردنيين من أصول فلسطينية (المهد نت)
وفي كلمة له بالمسيرة اتهم سعيد النظام الأردني بأنه "ارتد عن الإصلاح" وأنه "أدار الظهر لإرادة الشعب".
وأيد هذا الموقف الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي أكرم الحمصي الذي ألقى كلمة باسم أحزاب المعارضة وأكد استمرار الشعب الأردني في حراكه حتى تحقيق مطالبه بالإصلاح الحقيقي والشامل.
ولفت أنظار المراقبين إلى أن الموقف من رفض قانون الانتخاب أعاد الوحدة لأحزاب المعارضة التي شكلت مسيرتها اليوم أول نشاط يوحدها تحت مظلة لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة منذ أشهر، حيث أدى الانقسام بشأن الموقف من الثورة السورية لانقسام بين الإسلاميين من جهة والأحزاب القومية واليسارية من جهة أخرى.
وعلت في المسيرة الهتافات التي اعتبرتها أوساط رسمية في وقت سابق بأنها تمس الخطوط الحمراء. وهتف المشاركون بالمسيرة "الشعب يريد إس.. إس.. تربوا وإلا نكملها"، و"اسمع اسمع يا نظام.. شعب الأردن ما ينظام"، و"شو هالديمقراطية محاكم عسكرية"، ويا "خصاونة ويا عون.. من وين جايب هالقانون".
كما طغى على المسيرة إحياء هبة نيسان التي انطلقت من مدينة معان ومدن جنوب الأردن في شهر أبريل/نيسان 1989 والتي قتل فيها عدد من المتظاهرين وانتهت بعودة الحياة الديمقراطية للأردن بعد غياب استمر أكثر من ثلاثة عقود.
كما خرجت مسيرات بعدد من المدن الأردنية اتفقت على رفض قانون الانتخاب وإحياء "هبة نيسان"، في حين رفعت مسيرات في الجنوب إضافة لذلك شعار المطالبة باسترداد ميناء العقبة. ورفع مشاركون في مسيرة بمدينة معان (250 كلم جنوب عمان) شعار "قانون الانتخابات الجديد قانون المخابرات"، و"أيها النظام.. الإصلاح لا يأتي بالأقوال بل بالأفعال".
"
وصف رئيس الوزراء الآراء التي انتقدت قانون الانتخاب بأنها "تعبر عن قلق استباقي"، داعيا للحوار مع البرلمان وانتظار النظام الانتخابي الذي سيتم وضعه بعد إقرار القانون
"
وقال الناشط في حراك معان محمد سقا الله إن "معان قبل 23 عاما ضد الظلم والطغيان والأحكام العرفية التي تعود إلى عصور الظلام الأوروبية". وتابع "نقف اليوم لنذكّر النظام بأننا موجودون لنطالب بحقوقنا المسلوبة وإرادة الشعب التي تتغول عليها الأجهزة الأمنية".
كما هيمنت على المسيرة الهتافات المطالبة بالإفراج عن 19 من النشطاء المعتقلين في السجون بتهم "إطالة اللسان على الملك الأردني والعمل على تقويض النظام" لا سيما مع بدء أربعة منهم إضرابا عن الطعام، أحدهم المعتقل رامي سحويل المضرب عن الطعام منذ الأحد الماضي.
موقف الحكومة
كان رئيس الوزراء الأردني عون الخصاونة قد قال في وقت سابق إن الأردن لا يحتمل تزويرا جديدا للانتخابات البرلمانية، في إشارة للاتهامات بتزوير الانتخابات عامي 2007 و2010. ونفى بشدة أن تكون الحكومة وضعت قانون الانتخابات الجديد للحد من سيطرة الحركة الإسلامية على البرلمان المقبل أو رغبة في تحجيم تمثيلها، لكنه اعتبر أن بعض ما يطرحه الإسلاميون من اقتراحات "يمنحهم أكثر من حقهم التمثيلي".
ودافع رئيس الوزراء عن قانون الانتخاب الذي وصفه بالأكثر عدالة رغم الانتقادات الحادة التي وجهت له من قبل الإخوان المسلمين وأحزاب وسطية ومعارضة.
وينص قانون الانتخاب على الإبقاء على 108 مقاعد للتنافس المباشر، وتخصيص 15 مقعدا للكوتا النسائية، و15 مقعدا للقائمة الحزبية، في حين جرى إقرار مبدأ "المقاعد التعويضية" للمناطق التي لا يصل منها ممثلون بحيث لا يزيد عدد هذه المقاعد عن سبعة.
ووفقا للخصاونة، فإن القانون منح الناخب صوتين داخل دائرته الانتخابية وصوتا ثالثا للقائمة الحزبية، متعهدا بأن لا يزيد عدد الممثلين في الدائرة الواحدة عن خمسة رغم قرار الحكومة توسيع الدوائر الانتخابية.
وقال إن الآراء تراوحت بين الإبقاء على قانون الصوت الواحد والعودة لنظام عام 1989 الذي يمنح الناخب عدد أصوات مساويا لعدد النواب عن الدائرة، أو الأخذ بمبدأ القائمة النسبية لنصف المقاعد، كما طالب بذلك الإسلاميون وحلفاؤهم في المعارضة.
وتابع "شخصيا كنت أميل للعودة لقانون 1989 ولم أكن مع أي صيغة للقائمة النسبية، كما كان هناك استطلاعان للرأي أظهرا تأييدا للصوت الواحد لكننا آثرنا الأخذ بما يجمع بين كل هذه الآراء للوصول لنقطة وسط بين الجميع".
وعن القائمة الحزبية، قال الخصاونة إن أعلى تمثيل لأي حزب لا يزيد عن خمسة من 15 مقعدا حتى لو حصل هذا الحزب على أكثر من ثلث الأصوات، في حين توزع بقية المقاعد على بقية الأحزاب وفقا للأصوات التي تحصل عليها. وأضاف "نحن في مرحلة سياسية دقيقة ولا يمكننا أن نقفز في الظلام، وإذا رأينا أن هذا القانون يحتاج لتعديل فيمكن ذلك في الانتخابات المقبلة".
ووصف رئيس الوزراء الآراء التي انتقدت قانون الانتخاب بأنها "تعبر عن قلق استباقي"، داعيا للحوار مع البرلمان الذي بات القانون في عهدته من جهة، وإلى انتظار النظام الانتخابي الذي سيتم وضعه بعد إقرار القانون من جهة أخرى.