×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

خطيب المسجد النبوي: احذروا الغفلة وتذكروا حقارة الدنيا

خطيب المسجد النبوي: احذروا الغفلة وتذكروا حقارة الدنيا
مهد الذهب قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. أحمد بن طالب بن حميد -في خطبة الجمعة-: مما ينجي من الغفلة معرفة حقارة الدنيا وزوالها، وعدم الاغترار بزخرفها عن الآخرة؛ فهي التي صدت أكثر الناس عن الآخرة، واتباع الهدى، ومما ينجي من الغفلة مجانبة الذنوب والمعاصي؛ فكل معصية وقع فيها العبد كان ذلك بسبب الغفلة، قال الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَبِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُبْصِرُونَ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ"، وإن من أعظم ما يُنقذ المسلم من الغفلة وآثارها الضارة: ذكر الموت وما بعده، فهو واعظ بليغ، مُشاهد مسموع، يقين طعمه، قريب لقاؤه، واقع أمره، ومن أكثر من ذكر الموت صلح قلبه، وزكا عمله وسلم من الغفلة، وعند الموت يفرح المؤمن، ويندم الفاجر ويتمنى الرجعة وهيهات أن يُستجاب له، قال الله تعالى: "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلَى أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَابِلُهَا وَمِن وَرَابِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" ، وعُمرُ الإنسان ما مضى في الطاعات، وما مضى في المعاصي فهو خسارة عمره.

وأضاف: أصلحوا قلوبكم بما يُصلح القلوب، وراقبوها من الواردات عليها المفسدة للقلوب، فالقلب ملك الجوارح، كما قال النبي : «ألا وإن في الجسدِ مُضغَةً، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»، ألا إن أعظم أمراض القلوب: هي الغفلة، فالغفلة المستحكمة هي التي شقي بها الكفار والمنافقون، وهي التي أوجبت لهم الخلود في النار، قال الله تعالى: ﴿مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالْإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُوْلَابِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأَوْلَبِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ).

وقال: قد تكون الغفلة من المسلم عن بعض أعمال الخير، وعن الأخذ بأسباب المنافع والنجاة من الشرور، فيفوته من ثواب الخير بقدر ما أصابه من الغفلة، ويُعاقب بالمكروهات والشر بقدر غفلته بترك أسباب النجاة، والغفلة هي: عدم إرادة الخير قصدًا، وعدم محبته مع خلو القلب من العلم النافع غفلة الكفار والمنافقين، التي والعمل الصالح، وهذه هي الغفلة تامة المهلكة، لا يفلح المرء معها إلا بالتوبة إلى الله، وهذه الغفلة هي التي عاقب الله بها الكفار والمنافقين في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ عَاذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أَوْلَبِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أولئك هُمُ

الْغَافِلُونَ".

وأضاف: مما يحفظ العبد من الغفلة: تلاوة القرآن؛ ففيه العجائب، وفيه الرغائب، وفيه شفاء القلوب، وفيه الحث على كل خير، والزَّجْرُ عن كل شر، قال الله تعالى: "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ"، ومما يحفظ العبد من الغفلة : مُجالسة العلماء والصالحين؛ لأنهم يُذكرون بالله، ويُعلِّمُون العلم الشرعي، قال الله تعالى: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيَ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ، وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"، ومما ينجي من الغفلة: الابتعاد عن مجالس اللهو والفسق وجليس السوء، قال الله تعالى: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذَا مَثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا"، وفي الحديث : "ومثل جليس السوء كنافخ الكير".
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر