×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

إمام المسجد النبوي: في العشر الأواخر تستمطر الرحمات

إمام المسجد النبوي: في العشر الأواخر تستمطر الرحمات
مهد الذهب قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالباري بن عواض الثبيتي -في خطبة الجمعة-: هذه العشر أنفاسها محدودة، لحظاتها معدودة، ساعاتها سريعة، أيامها تمضي ما بين غمضة عين وانتباهتها، وأولو البصائر يعالجون هذه العشر بهمة وقادة ويقظة عالية وانعتاق عن مشاغل الدنيا وهمومها، حكت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان بكلمات بليغة وجمل قصيرة أحاطت بالمقصود فقالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله"، ليكون هذا المنهج نبراسا للأمة وهديا للتائبين، ومسلكا للطائعين وملاذا للمذنبين ورقيا للمؤمنين، في ليالي العشر تحدو المناجاة ويخلو العبد بسيده ومولاه يبث همومه ينثر أحزانه ينفث شكواه يرفع لخالقه آماله يعترف بذنبه يقر بخطئه يعلن توبته يسكب الدمع مدرارا يملأ قلبه خشية ورجاء وذلا وانكسارا، فلا رب لك سواه ولا يجبر الكسر إلا هو، هنا يستجاب الدعاء وتتنزل النفحات وتستمطر الرحمات، قال تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان"، وفي الحديث: "إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين".

وأضاف: كل دقيقة فضيلة يتقلب في نعيم العبادة ما بين تسبيح وتهليل وحمد وتكبير وقيام وذكر وقراءة للقرآن وتفكر، هؤلاء الذين عرفوا قيمة هذه العشر يعيشون بها وفيها وتحت ظلالها لذة العبادة وأنس القرب وجمال التلاوة وطعم الإيمان ونفحات الرحمن، أرواحهم تحلق وأنفسهم تتزكى وقلوبهم تترقى وهذه أجل حكم الصيام لعلكم تتقون.

وقال: فاشتر نفسك والسوق قائمة، والثمن موجود ولا تسمعن حديث التسويف، وفي ليلة القدر يقول الله تعالى: "ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر"، هل يتصور الصائم عظم الأجر خير ألف شهر، هل تصور القائم بين يدي الله هذا المشهد المهيب، والحشد العظيم، تنزل الملائكة، وجبريل لعظم هذه الليلة، نزول يحتضن كلمة السلم والأمن والأمان، بل كل معاني السلام، هي خير كلها ليس فيها شر، سالمة من كل آة وشر لكثرة خيرها إلى مطلع الفجر، والملائكة تسلم على أهل المساجد حتى يطلع الفجر، ليلة سمحة لا حارة ولا باردة، ليلة مباركة خير كلها من ابتدائها حتى نهايتها بطلوع الفجر، هي سلام على أولياء الله وأهل طاعته، هذه الليلة يظلها ويشملها السلام المستمر والأمان الدائم لكل مؤمن يحييها في طاعة الله إلى أن يطلع الفجر، ولا يناسب هذا الفضل العظيم والأجر الجزيل سوى التشكير عن ساعد الجد والعمل الدؤوب ومفارقة المألوف مع صبر ومصابرة فما هي إلا أيام ثم تقطف الثمرة، ويشكر العبد ربه أن اصطفاه من بين الخلائق ليظفر بهذه الغنيمة ويضاعف الحسنات ويغنم البركات، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم"،

وأضاف: سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟، قال: قولي: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"، فالله عفو يحب العفو سبحانه، لم يزل بالعفو معروفا، وبالغفران لذنوب عباده موصوفا، وإذا حل عفو الله بك أسعدك وأدهشك، وطهر جسدك وقلبك وروحك ورضي عنك وأرضاك، إذا لهج اللسان بهذا الدعاء بقلب صادق، وصعدت تلك الكلمات إلى السماء تائبة منيبة، ووافقت أنوار ليلة القدر وتنزل الملائكة فذلك النعيم الذي لا يجارى والفضل الذي لا يبارى والسعادة التي لا توصف، عفو الله هو مغفرة الذنب والتجاوز عن الخطيئة والستر ومحو السيئات، ومضاعفة الحسنات بل وتبديل السيئات حسنات قال الله تعالى: "إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما".
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر