×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

"الثلاثاء" في أبها حكاية عمرها أكثر من 100 عام

 يظل سوق الثلاثاء التراثي الشعبي الواقع وسط أبها (جنوب السعودية) صورة مضيئة تبرز الماضي الجميل، وإن اختلفت مقادير الحياة، ولكنه في الأخير يظل شامخا لغزارة ما يباع فيه وقيمة معروضاته.

أطلق على السوق هذا الاسم لكونه كان في الماضي وإلى الآن يقام في يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وكان سكان قرى أبها يأتون إليه فيما مضى فيبتاعون ما يرغبون من مقتنيات وأدوات تراثية قديمة لا زالت شاهد حال.

وفي صفحات تاريخ السوق ذكر مؤرخون أنه كانت تتم فيه مبادئ المقايضة في البيع والشراء، حيث كانت بلاد عسير التي تمتد وفق الهمداني من (زهران إلى ظهران) تعرف بوفرة منتجاتها من الحبوب والخضروات والفواكه واللحوم والعطور، و كان حجاج البيت قبل الإسلام وبعد الإسلام يتساءلون عن وفود حجاج السرو نسبة (إلى جبال السروات) وهم الأزد وهم أهل هذا الإقليم وما جاوره لأنهم يأتون محملين بالحبوب والسمن والعسل وغيرها، ما يعني وفرة الغذاء لحجاج البيت، وكان يساعد هذا الإقليم المطير على مدار العام في المقايضة تنوع محاصيله تبعاً لتنوع بيئاته وتضاريسه، فمنتجات "التهائم" تختلف عن منتجات الجبال وكذا سهوله وصحاريه الشرقية المعروفة (بعالية نجد).

وزار السوق عدد من المشاهير، لاسيما وأنه يقع قرب المركز الثقافي الذي يشهد فعاليات صيفية، أبرزهم الممثلة التركية "لميس" التي كانت برفقة الممثل السعودي حسن عسيري إبان تصوير مشهد لصالح مسلسل تلفزيونى، واطلعت على محتويات السوق.
ويرى الكثيرون من باعة السوق القدماء أن تاريخه يعود إلى أكثر من 100 عام خلت، وهذا ما أكده لـ "العربية.نت" علي محمد نايف أحد أقدم الباعة، وزاد أن سوق الثلاثاء كان ملتقى لكبار السن بأبها، بل إنه كان في الماضي يشبه وسائل الإعلام في الوقت الحاضر، كان محطة لنقل الأخبار ومعرفة أحوال الناس والمطر ودخول الأعياد وأشهر رمضان حينما يلتقون فيه.

وتابع نايف أنه منذ قرابة 17 عاما وهو يمارس بيع القهوة العربية والبن والهيل والزعفران، لكنه اعتاد على الحضور إلى السوق كي يلتقي أصدقاءه لأن ذلك بات عادة عنده.
مصنوعات يدوية ونباتات عطرية

وقالت الصحفية بجريدة "الرياض" مريم الجابر "للعربية.نت" إن نشاط السوق الأسبوعي هو بيع المواشي بجميع أنواعها، والمصنوعات اليدوية وأدوات الحرث والري والمصنوعات الخشبية مثل الأجهزة الأساسية في الحرث والصناعة، المصنوعات الجلدية، والحديدية وجلب النباتات العطرية كالريحان والشيح والنعناع والكادي وجلب السمن البلدي والقطران والموافي.

وتابعت ان للسوق دوراً اقتصادياً مهماً في تنشيط الحياة الاقتصادية والسياحية بالمنطقة، لذا يتوافد عليه السياح لشراء مستلزماتهم الحياتية والنماذج الجمالية المصنوعة محليا كالطفشة والحلي من الفضة، وكذا الأدوات التقليدية، وكل ذلك له دوره الاقتصادي والسياحي بالمنطقة.
العسل البلدي بـ500 ريال

وبرغم تطور الزمان والمكان، لازال سوق الثلاثاء الشعبي، الذي يجاور مركز الملك فهد الثقافي بما فيه قرية المفتاحة التشكيلية، في حركة مستمرة وتزاحم غير مسبوق، والصورة المدهشة أن هناك نساء ينافسن الرجال في البيع داخله، وبالطبع فإن المنتجات المنزلية والأشجار العطرية أبرز ما يقمن ببيعه داخل السوق كما تفعل أم يحيى التي تبيع الأشجار العطرية كالريحان والورد والكاذي والشيح والنعناع، والسمن البلدي والمقتنيات التراثية.

ويشتهر باعة في السوق ببيع العسل البلدي، وأسعاره تتجاوز 500 ريال للكغ، ويقول الشاب زميم النواب إنه أنهى دراسته الثانوية، وحينما لم يجد عملا اتجه إلى البيع في السوق، حيث يبيع العسل ويجد أرباحا وفيرة.

أما بائع العسل والنحّال عبدالله الصهدي، فيذكر أن سعر العسل المجري الصافي يصل إلى 300 ريال للكيلو جرام، فيما تتفاوت أسعار الكيلوجرام من السدر بين 100و250 ريالا.

وتتراوح قيمة عسل السمر بين 100و 200 ريال للكيلوجرام، وتصل أسعار العسل الصيفي الذي يأتي بعد سقوط أمطار الصيف بين 100و 180 ريالا للكيلوجرام، وعسل الضهيانية بين 100 و150 ريالا للكيلوجرام، كما تبلغ قيمة عسل الشوكة ما بين 100 و200 ريال للكيلوجرام.

وتتراص الدكاكين الصغيرة داخل سوق الثلاثاء، ومنها ما هو مخصص لبيع الملابس العسيرية وأشهرها ثوب "المشغول العسيري" المطرز بتصميمات رائعة تلفت الأنظار، وهناك باعة يعرضون تلك المنتجات بأسعار مناسبة.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر